Please ensure Javascript is enabled for purposes of website accessibility

السياحة المسؤولة أصبحت محفزًا للتغيير الاجتماعي

تاريخ النشر

23 October 2024

الأوسمة

Regenerative_tourism

النص

تعليق صوتي 

هذه المقابلة جزء من Visionary Realms (مسارات تقدم رؤية مستقبلية)، وهي سلسلة صوتية أنتجتها FT Longitude بالشراكة مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا. 

ميغ رايت: 
الهند، دولة مترامية الأطراف ونابضة بالحياة وهي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان. ومع ذلك، تُظهر بيانات البنك الدولي أن مشاركة الإناث في القوى العاملة لا تزال منخفضة عند أقل من 33% مقارنةً بنحو 77% بين الذكور. وعلى الرغم من أن معدلات المشاركة هذه قد زادت في العقود التي تلت عام 1990، إلا أنه من الواضح أن البلاد لا يزال أمامها شوط طويل يجب أن تقطعه. 

أهلاً ومرحبًا بكم في سلسلة Visionary Realms (مسارات تقدم رؤية مستقبلية)، التي تستكشف رؤى جديدة لتنمية المجتمع والسياحة والمناظر الطبيعية الثقافية. في كل حلقة، نُلقي نظرة عن كثب على مجتمع أو منطقة تعتمد على الدروس المستفادة من الماضي للبناء من أجل مستقبل مستدام. أنا مضيفتكم ميغ رايت، وفي هذه الحلقة نسافر إلى الهند ونحن نتساءل كيف يمكن أن تكون السياحة قوة للتغيير الاجتماعي الإيجابي وتمكين المرأة للأجيال القادمة. ينضم إلينا للمناقشة حول هذا الموضوع مينو فاديرا، رائدة أعمال اجتماعية نَسوية والمؤسِّسة لمؤسسة آزاد. مرحبًا مينو. إنه لمن الرائع التحدث معكِ اليوم. 

مينو فاديرا: 

مرحبًا ميغ. أنا سعيدة جدًا باستضافتكِ لي. شكرًا لكِ. 

ميغ رايت: 

انظري مينو، أعتقد أنه سيكون من الرائع أن نعود بمستمعينا إلى البداية. كيف كانت البداية لمؤسسة آزاد بالضبط وما هي الرؤية التي كانت مصدر إلهام لها حقًا؟ 

مينو فاديرا: 
مؤسسة آزاد هي مؤسسة غير ربحية، تعمل، كما قلت، مع المجتمع، مع الفتيات المراهقات لمساعدتهن على تشكيل أفكارهن في العمل وأنه ليس بالضرورة أن يتزوجن بمجرد الانتهاء من المرحلة التعليمية.  

كما قلتِ يا ميغ، في الهند، تُعد مشاركة المرأة في القوى العاملة منخفضة حقًا وفي الواقع كانت تشهد تراجعًا على مدار العقدين الماضيين. ومن ثم، كانت رؤيتنا تهدف إلى القضاء على الحواجز التي تعوق انطلاق المرأة الفقيرة، وخاصةً النساء من المجتمعات المحرومة، وتوفير الفرص لكسب سبل عيش مجزية مع الحفاظ على كرامتها، والقيام بذلك بطريقة تمكنها أيضًا من تحقيق ذاتها، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن من الناحية الاجتماعية أيضًا. ويُعد نقص مشاركة المرأة في القوى العاملة رمزيًا للغاية، وكذلك عدم المساواة الكبيرة بين الجنسين على النحو الموجود في جميع أنحاء العالم، وبصفة خاصة في بلدنا. 

لذلك، سرعان ما أدركنا أن فرص العمل المتاحة لمعظم النساء المحرومات كانت تتمثل في المقام الأول في الوظائف التقليدية، التي كانت داخلة في الاقتصاد غير الرسمي، ومنخفضة الأجر وغير محمية في الغالب. وإذا كان علينا أن نبحث عن خيارات لكسب سبل العيش لهن بحيث يمكنهن أن يصبحن مُعيلات رئيسيات في أسرهن، فيجب علينا الابتعاد عن الخيارات التقليدية والنظر إلى خيارات أخرى غير تقليدية لكسب سبل العيش. وقد كانت القيادة إحدى هذه الفرص. 

تعمل مؤسسة آزاد على تدريبهن على القيادة، لكنها تدربهن أيضًا على حقوق المرأة، وعلى كيفية حماية أنفسهن من العنف، وعلى فهم أن كونهن ناجيات من العنف أو ضحايا للعنف ليس قدرهن ويستطعن تغييره. كما توفر المؤسسة وحدات تمكين شخصية أخرى مثل الأشياء البسيطة كالتحدث باللغة الإنجليزية أو حتى تقديم المشورة لمساعدتهن على التعامل مع الصدمات المختلفة، وفهم الإسعافات الأولية والأشياء الأساسية التي يمكن أن تساعدهن على تخطي وقفز الحواجز المختلفة التي يمكن أن يتعرضن لقفزها عند العمل كسائقات. 

تكون المرأة أكثر قوة عندما تكون قادرة على التحكم في حركتها، وعندما تكون قادرة على معرفة المزيد عن مدينتها، وأين يوجد قسم الشرطة، وأين تقع محطة المطار، وأين توجد الأماكن الرئيسية التي يمكن أن تذهب إليها للاستمتاع بها، وأين يمكنها التوجّه للحصول على المساعدة. ولذا، فقد كان هدفنا هو استخدام ذلك ليس فقط كفرصة لتوفير الدخل للنساء، ولكن أيضًا لجعلهن قادرات على السيطرة على حركتهن ومن خلال القيام بذلك، يكتسبن السيطرة على حياتهن وقرارهن وأجسادهن. هكذا بدأنا. 

ميغ رايت: 
رائع. حديثنا قليلاً عن مؤسسة سخاء، التي أعلم أنها مؤسسة شريكة هادفة للربح. 

مينو فاديرا:

نعم، هذا صحيح. أنا المؤسِّسة لمؤسسة 'آزاد' ومؤسسة 'سخاء'. تم إنشاء 'سخاء' بهدف التفاعل مع السوق وتوفير فرص عمل للنساء اللواتي أصبحن جاهزات للعمل كسائقات محترفات. عندما بدأنا، لم تكن هناك أي امرأة تعمل كسائقة محترفة، على الأقل في شمال الهند بأكمله، أو ربما كانت هناك واحدة أو اثنتان لا أعرفهن. لكن بشكل عام، لم يكن هناك أحد. لذا كانت مهمة مؤسسة 'سخاء' هي بناء الثقة في قدرة المرأة على أن تصبح سائقة محترفة، والبدء في البحث عن فرص عمل لها. على مدار الوقت، أنشأت 'سخاء' خدمة تأجير سيارات الأجرة الخاصة بها، مما أتاح للسائقات فرصًا للعمل كسائقات محترفات. كما تتولى 'سخاء' توظيف سائقات للعائلات، الشركات، المنظمات غير الحكومية، الفنادق، والصناعات المختلفة. نوفر كذلك سائقات للإيجار. وبالتالي، تُعد 'سخاء' شركة تسهم في توفير سبل العيش للسائقات والراكبات في قطاعات النقل، السياحة، والتجارة الإلكترونية." 

ميغ رايت: 
رائع. إنها ليت مهمة صغيرة، ولكن بالتأكيد قوية للغاية بناءً على ما ذكرتيه للتو. أودّ التعمّق بشكل أكبر حول الدور الذي تلعبه السياحة هنا.  

مينو فاديرا: 

نعم، يجب القول بأن إمكانية عمل النساء كسائقات في السياحة لم يلفت انتباهي في البداية، لقد كان هناك تداخل. وقد حدث ذلك عندما أقمنا شراكة مع شركة جي أدفنشرز. حيث اكتشفنا مدى أهمية هذا التقاطع. ومن ثم، بدأنا العمل مع شركة جي أدفنشرز في نقل المسافرين من المطار إلى الفندق. وقد أدى ذلك إلى إتاحة فرص هائلة أمام سائقاتنا، فهن يجدن متعة كبيرة في أداء هذه المهام. ويشعرن بالفخر لقيادة الأشخاص من مختلف أنحاء العالم في دلهي. وهؤلاء هن النساء الذين كان عالمهم يقتصر على جدران منازلهم الأربعة، ولم يكن الكثير منهن يخرجن خارج مناطقهن بمفردهن. وكما قلت، بسبب تلك القيود التي كانت مفروضة على حركتهن، عندما يلتقين ويحيّين أشخاصًا من دول ربما لم يسمعن أسماءها من قبل، ويشاركن ذلك في عائلاتهن ومجتمعاتهن، فإن الوعي بذلك في حدّ ذاته يمنحهن شعورًا بالفخر والتقدير من الآخرين. وبينما ينخرطن مع المسافرين ويُعاملن باحترام وكرامة، وهي تجربة يجب أن أقول إنها ليست شائعة بالنسبة إلى العديد من النساء، فإنها تؤكد أيضًا إحساسهن بالتمكين وتقوي قدرتهن على القيام بالمهام. 

نعم، لقد لقيت الفكرة ترحيبًا جيدًا للغاية. ولهذا السبب، كما قلت، تمكنّا من تنمية أعمالنا باستمرار مع شركة جي أدفنشرز. واليوم نعتني بجميع مسافريها القادمين إلى دلهي ونواصل الحصول على مراجعات جيدة جدًا من رؤسائها التنفيذيين من جميع أنحاء العالم. 
  
ميغ رايت:

ما الفرص التي تجلبها السياحة للسائقات وما الفوائد التي يجلبنها للسياح بدورهن؟ 

مينو فاديرا:

أعتقد أن العالم بأسره قد فتح آفاقًا جديدة أمام السائقات. فقد خرجن من جدران منازلهن وأصبحن الآن جزءًا من المجتمع العالمي، مثلنا جميعًا. وكما يقال، ما إن يُرى الشيء مرة واحدة، لا يمكن تجاهله. وهذا يتجلى في حقيقة أن العديد منهن قد اخترن السفر إلى أوروبا اليوم. من خلال شراكة أبرمناها مع شركة نقل أخرى هناك، يقضين بضع سنوات في العمل كسائقات مقطورات. يُعد هذا تحولًا جذريًا قدّم لهن تجارب جديدة وزاد من وعيهن وإدراكهن لما يمكن تحقيقه. أعتقد أن هذا النجاح يعود إلى اكتسابهن الثقة في قدرتهن على المشاركة في هذا العالم الواسع كأفراد واثقين ومستقلين. ولا شك أن التفاعل مع السياح والأشخاص الذين ينقلنهم لعب دورًا كبيرًا في تحقيق هذا التحول. 

وأعتقد أن السياح يستفيدون من هذه التجربة أيضًا، فعندما يتنقلون مع سائقة ويتواصلون معها ويستمعون إلى قصصها، يحصلون على فهم أعمق للبلاد من منظور مختلف تمامًا. الكثير مما يرويه الناس في قصصهم لا يُذكر في الأدلة السياحية التقليدية أو عبر القنوات الإعلامية السائدة. أنا على يقين من أن هذا التواصل يتيح لهم العودة بشعور بأنهم ساهموا، ولو بطرق بسيطة، في إحداث تغيير إيجابي في حياة هذه المرأة. كما أؤمن بشدة بأننا نوفر رحلات تربط بين القلوب، وأنا مؤمنة بقوة العلاقات والتبادل والتعاطف. عند زيارة الهند، يحمل السياح تصورًا معينًا عن البلاد، لكن لقاءهم بهؤلاء النساء يتيح لهم بناء فهم أكثر تعاطفًا حول ما يعنيه العيش في فقر، مع تقديرهم للشجاعة والقدرة التي تتمتع بها هؤلاء النساء في مواجهة التحديات وإحداث التغيير. هذا يخلق علاقة مبنية على التضامن، بدلاً من العلاقة التقليدية المتعالية التي تقول "أنا أساعدك"، حيث يصبح هناك تبادل حقيقي في هذا السياق. 

ميغ رايت:

إن قصة النجاح هذه توضح حقًا كيف يمكن أن تبدأ التغييرات الصغيرة في سلوك السياح في إحداث تأثير كبير على المجتمعات المضيفة أيضًا. وبالتفكير على نطاق أوسع إذًا، ما هي بعض الخيارات الإيجابية التي تعتقدين أن السياح يمكنهم البدء في اتخاذها بعد ذلك لدعم التغيير الاجتماعي في الوجهات التي يزورونها؟ 

مينو فاديرا:

بالتأكيد، أعتقد أن التغييرات الكبيرة يمكن أن تتحقق من خلال خطوات صغيرة يتخذها السياح. في عصرنا الحالي، أصبح السفر بمثابة سلعة قابلة للاستهلاك، لكنه في جوهره كان ولا يزال تجربة تعلّم واكتشاف. لذا أعتقد أن السياح يمكنهم أن يكونوا أكثر وعيًا وتدبرًا عند تخطيط رحلاتهم. من خلال اختيارهم للمؤسسات المحلية القائمة على المجتمع بدلاً من السلاسل العالمية الكبيرة، يمكنهم بالفعل دعم الاقتصاد المحلي. وأود أن أؤكد أن الأمر يبدأ من وجهة السفر نفسها. على سبيل المثال، يمكن للسياح التفكير في زيارة أماكن غير تقليدية بعيدًا عن النقاط السياحية المعتادة. غالبًا ما ينبع اختيار هذه النقاط التقليدية من الرغبة في التقاط الصور أمام المعالم الشهيرة لمشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لا ينبغي أن يكون السفر بهذا الشكل؛ فهناك عالم كامل ينتظر استكشافه خارج تلك المعالم المعروفة. 

يمكن أن يكون السياح أيضًا أكثر تدبُّرًا بشأن قرارات أخرى مثل، كما هو واضح في الهند، من سيكون شريكك في النقل أو أين تختار الإقامة، وأين تتسوق وماذا وأين تأكل؟ كل هذه القرارات الصغيرة يمكن أن تحدّد ما إذا كانت الأموال التي ينفقونها ستبقى في المجتمعات المحلية أم أن نسبة كبيرة منها ستعود خارج البلد الذي يزورونه. أيضًا من خلال التفكير الواضح والاستخدام المسؤول للبلاستيك والمياه والموارد الطبيعية وموارد الطاقة الأخرى، يمكنهم المساهمة في خلق كوكب أكثر استدامة. 

وبمجرد عودتهم ومشاركة قصصهم عن تجاربهم على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن للسياح أن يصبحوا فعليًا وكلاء للتغيير ونشر الوعي. أعتقد أن عالمنا وصل إلى مرحلة لم يعد بإمكاننا الاعتماد فقط على الحكومات وصانعي السياسات لإحداث التغيير. كل فرد يمكنه، بل ويجب عليه، أن يساهم في هذا التغيير. وما هو أفضل استخدام للأموال من أن يكون الشخص قادرًا على أن يسهم، ولو بشكل صغير، في إحداث تغيير اجتماعي مع الاستمتاع بتجربته في الوقت نفسه؟ 

ميغ رايت:

إنها نقطة جيدة للغاية، أليس كذلك؟ أعتقد أننا كثيرًا ما ننسى المتعة. 

مينو فاديرا:

يجب أن تكون موجودة. 

ميغ رايت:

وأخيرًا مينو، ما النصيحة التي تقدميها للمؤسسات الأخرى التي تسعى إلى استخدام السياحة كمحفز لتمكين مجتمعها؟ 

مينو فاديرا:

حسنًا، أود القول أنه يوجد العديد منهم بالفعل في المنظومة ممن يعملون ويعطون الأولوية للسياحة المجتمعية. وأعتقد أن أول نصيحة هي التعلّم من بعضنا ونشر الممارسات الجيدة. أعني أنه ليس على الجميع البناء من الصفر ويمكن مشاركة المعرفة الجديدة وإتاحتها للآخرين، فهناك مبادرات جديدة تنشأ، اشخاص جُدُد على الساحة وشركات جديدة يتم تأسيسها. أقترح أن يبحثوا بنشاط عن شركاء مجتمعيين وأن يستمعوا إليهم ويتعلموا منهم ويحترموا القيود والتحديات المحلية ويتعاونوا في البناء على الفرص. 

في حالتنا، على سبيل المثال، كان أحد أفضل الأشياء التي وقعت لنا مع شركة جي ادفنشرز أننا بدأنا بسيارتي أجرة لأننا كنا صغيرين جدًا ولم يكن لدينا سوى عدد قليل من المسافرين. لكن أصبحنا اليوم نعتني بجميع المسافرين القادمين إلى دلهي مع شركة جي ادفنشرز. ومن ثم تمكّنا من النمو بمرور الوقت. تتطلب الكثير من المبادرات المجتمعية دعمًا، ووقتًا، كما تتطلب رأس مال حتى تتمكن من النمو مع توافر الفرص، وليس من المفيد الإصرار على نطاق معين أو عدد معين، ولهذا السبب نقول لندعهم يقودون ويتبعون ويدعمون ولنكن شركاء لهم. 

أما بالنسبة إلى الشركاء المجتمعيين، سأقول مرةً أخرى، من واقع تجربتنا، السياحة توفر بالفعل ثروة من الإمكانات، لأنها واحدة من الصناعات التي توظف نسبة عالية جدًا من النساء ونحن بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق ومعرفة جميع الروابط المختلفة التي يمكننا نسجها لأن هناك إمكانية للتغيير ويمكننا المساعدة في ربط المجتمعات من خلال عملية السفر والسياحة العالمية الأوسع نطاقًا بما يصب في صالح تلك المجتمعات. 

ميغ رايت:

شكرًا لكِ مينو. هناك بعض الأمثلة القوية حقًا، وأنا أفكر في كيف يمكن أن تكون السياحة بالفعل محفزًا للتمكين الاقتصادي والاجتماعي وبالتأكيد لتمكين حركة المرأة وتغيير المشهد الاجتماعي للأجيال القادمة. شكرًا جزيلاً على انضمامكِ إلينا اليوم ونتمنى لك التوفيق في مؤسسة آزاد. 

مينو فاديرا:
شكرًا لكِ ميغ. خالص الشكر لكِ على استضافتي في برنامجكِ وكان من دواعي سروري التحدث إليكِ وأتمنى لكِ وللجميع التوفيق، وأتمنى أن تظهر المزيد والعديد من هذه المبادرات.