Please ensure Javascript is enabled for purposes of website accessibility

الحلقة الثالثة – بودكاست المتحف الحي: حوار مع ويليام ماكدونو

تاريخ النشر

11 October 2024

الأوسمة

النص

أهلا وسهلا بكم، في المتحف الحي، بودكاست الهيئة المليكة لمحافظة العلا. محدثكم أرسلان محمد، حيث سنلتقي في حلقة اليوم بالسيد ويليام ماكدونو، الشريك المؤسس لـ ويليام ماكدونو وشركاؤه والرئيس التنفيذي لشركة ماكدونو للابتكار.

السيد ماكدونو، مستشار الهيئة الملكية لمحافظة العلا، هو مهندس معماري ومفكر ومؤلف عالمي في مجال البيئة وواحد من أكبر داعمي الاستدامة، حيث تلعب نظريته في هذا المجال، والتي تحمل اسم "من المهد إلى المهد"، دوراً أساسياً في تطوير المواقع التاريخية. وفي هذا الحوار سيعمل السيد ماكدونو على تحديد بعض الأفكار التي يمكن من خلالها الحفاظ على الماضي وصناعة المستقبل.

أصبحت نظرية "من المهد إلى المهد" متداولة منذ أن قمتَ بصياغتها للمرة الأولى في منتصف سبعينيات القرن الماضي، هل يمكنك تقديم ملخص للأفكار الأساسية التي تحتويها؟

إن نظرية "من المهد إلى المهد" هي الطريقة التي تتعامل من خلالها الطبيعة مع عالمنا هذا، فما يمثّل فضلات شيء هو غذاء شيء آخر. لو أخذنا أزهار شجرة الكرز في الربيع على سبيل المثال، لوجدنا أنها، بعد اكتمال نموها، تتساقط عائدة إلى التربة من جديد، مقدمة بذلك الغذاء للنظام الحيوي. بناء على ذلك، فلو نظرنا إلى المنتجات البشرية في الخمس آلاف سنة الماضية، لوجدنا أنها تمت من خلال استخلاص للمعادن واستخدامها في صناعة الأدوات، وأن هذه الأدوات كانت بدورها بمثابة "الغذاء" للأدوات التي تلتها. هذا هو سبب وجود عصور مختلفة كالعصر الحديدي والعصر البرونزي وغيرها. وتماماً كما هو حال أزهار الكرز، تمر هذه المواد في دورات. فكما تعود المواد الطبيعية إلى التربة وتتجدد، تنتقل الأدوات من صناعة إلى أخرى وتتجدد.
تحاول النظرية أيضاً التخلص من المصطلح الصناعي "من المهد إلى اللحد،" والذي يصف الاقتصاد الخطي الذي يتسبب بإنتاج النفايات، وذلك من خلال التخلص من مفهوم النفايات كلياً. إذ يمكن النظر إلى كل شيء على أنه غذاء ذو قيمة للنظام البيولوجي أو التقني. وعليه، فبدلاً من التفكير في نهاية "حياة" المنتجات عند تصميمها، علينا التفكير بنهاية استخدامها، ومن ثم التفكير في استخدامها مجدداً. يمكننا هذا المفهوم من إنتاج المنتجات ومن ثم معالجتها وتجديدها ليتم طرحها مجدداً.

إنه فعلاً مفهوم جريء وقوي، فبدلاً من انتاج النفايات، يمكن إعادة استغلال كل شيء في دورة حياة المنتج القادمة.

في دورة الاستخدام القادمة

نعم، عذراً، في دورة الاستخدام القادمة.

كما ترى، فإن تصميم المنتجات والأخذ بعين الاعتبار نهاية الاستخدام بدلاً من نهاية الحياة هو أمر مفيد حقاً. فبدلاً من تصميم المنتجات على اعتقاد بأنها ستنتهي في المكبات أو المحارق، وهو الأمر الذي يحدث إن نظرننا إلى المنتجات كما لو كانت كائنات حية، يمكننا تصميم المنتجات والتفكير في الاستخدام المقبل لها، وهذا هو الاقتصاد الدائري.

إذاً، فالاقتصاد الدائري يقدم فائدة أكبر للمجتمع؟

نعم، ولكن على الرغم من أن الاقتصاد الدائري قد يقدم فائدة أكبر للمجتمع، إلا أن علينا توخي الحذر، فكون الاقتصاد دائرياً لا يعني أنه مفيد بالضرورة. فكلمة "دائري" هنا هي صفة كمية تستخدم للدلالة على إمكانية استخدام المواد مراراً وتكراراً، ولكن ذلك لن يكون مفيداً إلا إن كانت المواد نفسها آمنة وصحية. وهذه هي الصفة النوعية التي لا ينبغي إغفالها. وعليه، فبناءً على نظرية "من المهد إلى المهد،" . علينا أولاً التأكد من أن المواد المستخدمة آمنة وصحية قبل إعادة استغلالها. علينا أيضاً التأكد مما إن كانت المواد قد تلوثت أو إن دخل في تصنيعها مواد ملوثة.

كيف قام سكان العلا القدامى باستخدام الموارد على مر التاريخ وهل تظهر من خلال ذلك منهجيات حيوية شبيهة في مفومها لنظرية "من المهد إلى المهد" التي نناقشها؟

تمتّع الناس قديماً بفهم عميق لقوى الطبيعة، فقد كانوا على اتصال أكبر بها، وكانوا يستخدمون ما يتوفر لديهم من ماء وطاقة شمسية، ويعملون على إدارتها. وبالنظر إلى الأبنية القديمة في العلا، نجدها متراصة ومتقاربة، وهذا سهّل حركة السكان فيما بينهم. فقد كان هنالك سبع قبائل مختلفة في العلا القديمة، وساعدتهم المباني المتراصة على بناء الأحياء، والتفاعل فيما بينهم وتبادل القصص والقيام بالتجارة. هذا كله كان نتيجة للأنظمة الطبيعية التي دخلت في بناء هذه الأبنية.
وبالنظر إلى ارتباط الواحات بأوضاع المياه والمساحات الخضراء، وارتباط التجارة بالمواد التي احتاجها السكان كالمعادن أو الأدوات التي كان من الممكن نقلها أو مشاركتها كالسجاد أو الأشياء الخاصة كالتوابل، نجد أنها جميعها ارتبطت بالنظام الطبيعي واتبعت قوانين الطبيعة في عملها.

هذا رائع. هل من الممكن لنا أن نتعمق أكثر في هذا الموضوع وأن نتحدث عما أظهرته الحفريات الأثرية وعمليات التنقيب والبحوث التاريخية التي تم إجراؤها في العلا فيما يتعلق بالممارسات التي نتحدث عنها الآن؟

يمكننا بدء ذلك بالحديث عن الطاقة، فقد كانت الشمس المصدر الوحيد للطاقة في هذه المجتمعات القديمة، حيث استخدم الناس الأخشاب وقطع الأشجار كالوقود وفي بناء الأسقف والمظلات. فقد بنيت الأسقف في العلا من سعف النخيل على سبيل المثال. ويمكن الملاحظة بأن أدوات البناء هذه ترتبط بشكل وثيق مع الطبيعة. وفي الوقت نفسه، كان العالم الطبيعي هو مصدر الطاقة المطلوبة لإطعام الأحصنة والجمال، ولم يكن استعمال الطاقة المتجددة فكرة جيدة فحسب، بل كان القانون بنفسه.
ولو نظرت إلى الأغنام والحيوانات التي عمل الناس على تربيتها آنذاك، لوجدتها حيوانات قوية للغاية، ذات علاقة تكافلية مع الإنسان. فقد كانت الأغنام قادرة على إيجاد الغذاء حتى في الصحراء، إذ كان بإمكانها أكل الأعشاب الأكثر انحداراً والأقل ماء، كما كانت قادرة أيضاً على انتاج الحليب والزبد واللحم، إضافة إلى الجلود والفراء التي تدخل في صناعة الأكياس والخيام والسجاد والملابس. وهكذا، كانت الأغنام والماعز التي تمت تربيتها تمثّل أحد أهم الموارد للعائلات، بل كانت أشبه بالمصنع الذي يرافقك أينما ذهبت، وقد كان البدو قبائل ذات حركة مستمرة كما هو معروف.
 
إنها علاقة تكافلية حقاً. فكما نرى، كانت هذه القبائل بدوية وذات حركة مستمرة، ولكنها لم تكن وحدها، فقد كان هنالك تجار يتحركون من مكان إلى آخر. ويمكنني القول بأن هذه الفترة تمثل إحدى اللحظات المهمة في التاريخ البشري، فقد انتقل البشر من كونهم قبائل صغيرة ومتناثرة من الصيادين المتجولين، إلى جماعات أكبر وأكثر تماسكاً تنتقل من مكان إلى آخر بشكل واعٍ ومنتظم خلال العام وتتبع مناطق الرعي المحتملة. فتراهم ينتقلون من مكان إلى آخر حيثما تنمو النباتات مصطحبين قطعانهم معهم. ومن جهة أخرى، عملت حركة التجار من مكان إلى آخر على تشكيل خطوط التجارة الرفيعة في المنطقة التي يمكن تتبع آثارها. وقد مثلت هذه المرحلة بداية الحضارة، فقد تطورت قبائل الصيادين لتصبح قبائل بدوية، وتطورت هذه القبائل بدورها لتصبح مستوطنات ثابتة. وبناءً على ذلك، عندما وجدت القبائل القديمة مكاناً مثل العلا، قررت الاستقرار فيه، وذلك لأنه كان قادراً على تزويدهم بالموارد التي يحتاجونها بانتظام وعلى مدار السنة. ومن هنا كان على تلك القبائل احترام المكان والحفاظ عليه وعدم إساءة استخدامه، فما كانوا ليتمكنوا من الاستفادة منه إن عملوا عكس ذلك. ما حدث في الماضي هو ما علينا القيام به في حياتنا اليوم. علينا حماية الموارد العامة فرداً ومجتمعاً. وللأسف، فإن هذه النظرية غير مطبّقة في وقتنا الحالي، ولهذا نرى انهيارات عالمية للأنظمة نتيجة زيادة استهلاك الموارد من قبل بعض الجهات والأشخاص.

كما شرحت، لو كنا نعيش في بيئة مثالية لوجدنا احتراماً حقيقياً لمواردنا، ولكن، أليس من الطبيعي وجود أشخاص في مجتمعاتنا يسعون لاحتكار الموارد لأنفسهم واستبعاد الآخرين؟ أليس ذلك جزءاً من الطبيعة البشرية؟

هذا صحيح، ولكن هذا أيضاً أحد الأسباب التي تدفعنا إلى تطوير ثقافتنا. فمن خلال الاهتمام بهذه القضية يمكننا أخذ الجميع بعين الاعتبار. فقد سادت في العلا على سبيل المثال ثقافة الكرم، فلو مر شخص من هنا في قديم الزمان لما افترض الناس بأنه عدو يسعى إلى النهب والسرقة. بل على العكس، كانوا ليظنوا بأنه قد يكون بحاجة إلى الطعام والماء، وهذا ما كانوا ليقدمونه، فهذا ما كان السكان يأملون الحصول عليه عند عبورهم الصحراء أيضاً.

وأتمنى في المستقبل أن نتمكن جميعاً من التحلي بهذا الكرم، فكما نرى، إن أرضنا هذه واحدة من الموارد المهمة جداً، فهي مصدر المياه، والتربة. وبالنسبة لي، فليست كلها موارد إلا عندما نكون قادرين على استخدامها مرة ثانية.

قد يواجه البعض صعوبة في التفريق بين المصادر والموارد. هل يمكنك التوضيح لنا الفرق بينها؟

بالنسبة لي، فإن المورد هو ما أمكن إعادة استخدامه عدة مرات، إذ تحتوي كلمة مورد ( resource ) باللغة الإنلجيزية على البادئة re- والتي تعني "مجددا" أو "إعادة"، وهي موجودة أيضاً في عدد من المصطلحات الأخرى، مثل إعادة التدوير (recycle) وإعادة التوليد (regenerate). أما المصدر فهو الأصل، وعند النظر إلى العلا على سبيل المثال، يمكن القول بأنها مصدر للمياه والتمور وغيرها من الأشياء. وبالحديث عن التمور، يمكن للنخيل على سبيل المثال أن يصبح مورداً إن تمت زراعته في بستان مثلاً، فهذا سيمكننا من الحصول على محصول جديد في كل دورة، بحيث يعمل البستان على إعادة انتاج التمور. بمعنى آخر، فالموارد بالنسبة لي هي القدرة على استغلال المواد والأنظمة الحية أكثر من مرة.

كيف يمكن للتصميم أن يحمي أصالة العلا التاريخية وفي الوقت نفسه تحويلها إلى وجهة عالمية؟

يعمل المصممين عادة على الإتيان بتصاميم تهدف إلى خدمة الناس، كما تكمن قوة أي تصميم في إشارته إلى نية الشخص الذي صممه. يمكننا أن نتساءل ما الذي ننوي القيام به في العلا، وسيكون الجواب هو الحفاظ على أصالتها. ويمكن التأكد من قيامنا بذلك من خلال حفاظنا على أصالة التجربة التي تقدمها العلا، إذ يمكن في العلا على سبيل المثال مشاهدة النجوم في السماء المظلمة دون القلق حيال التلوث الضوئي. هذا وحده أمر يستحق الزيارة والتجربة. علاوة على ذلك، يمكن في الموقع نفسه أيضاً مشاهدة التحف الفنية التي خلفتها الطبيعة، والتي تمكننا من معرفة التطورات التي مر بها المكان. ومن المنطلق نفسه، يمكننا معرفة التطور الذي مر به الإنتاج البشري من خلال الاطلاع على الآثار التي تركت في الموقع. هذا بدوره يمكننا من التمتع بتجربة التاريخ القديم. قد يتساءل المصممين العاملين في العلا عن الطريقة التي يمكن من خلالها جعل التجربة الحالية جزءاً من الآثار في المستقبل، فما نريد القيام به في العلا هو تصميم تحف وآثار فنية جديرة بأن ينظر إليها الناس بعد ألف سنة من الآن. ولهذا، يجب على تصاميمنا أن تكون مدهشة للناس في المستقبل، تماماً كما تدهشنا التصاميم القديمة والأثرية. إن مشروعاً طموحاً كهذا لا يخشى طرح فكرة أبدية هذه الأشياء. فنحن نرغب في حفظ آثار الثقافة التي عاشت في هذا المكان، ونقلها إلى المستقبل وتقديرها. وهذا يعني أن عليها أن تستمر إلى الأبد. إن التفكير في أبدية هذه الأشياء يمنحنا فرصة للشعور بالتواضع، فتغيرات كهذه لن تحدث بين ليلة وضحاها، بل ستستمر إلى الأبد.

هلا أعطيتنا مثالاً على طريقة تعامل نظرية "من المهد إلى المهد" مع التحديات الناتجة عن أزمة المناخ العالمي حالياً؟

يمكن ربط أزمة المناخ بمسألة إنبعاثات الكربون في الغلاف الجوي. وعليه، فعلينا معالجة هذه المسألة أولاً. ورغم ذلك، فلا يجب بنا الحديث عن الكربون وكأنما كان عدواً، فهو يمثّل قوة الحياة، فنحن أنفسنا مكونون من الكربون، وهو ما يعرف بالكربون الحي. يتم انتاج هذا الكربون بعد أن تسقط أشعة الشمس على التربة والنباتات. ويمتاز الكربون الحي بإمكانية إعادة توليده، إذ يمكن الحصول عليه من خلال حرق الاخشاب بما يتوازن مع النظام والطبيعة، حيث تعرف الطبيعة كيفية موازنة الكربون بشكل صحيح، فبعد صعوده إلى الغلاف الجوي يعود إلى النباتات مجددا، تماماً كما يتحرك الماء في النافورة. هنالك أيضاً نوع آخر من الكربون، وهو الكربون الصلب، وهو نوع موجود في المواد الصلبة كالحجر الجيري أو الأحافير الهيدروكربونية، كما تحتوي البوليمرات والبلاستيك على الكربون الصلب ويمكن إعادة تدويره. هذا ليس كل شيء، فهنالك نوع آخر معروف باسم الكربون المنفلت، وهو الكربون الذي يتصاعد إلى الغلاف الجوي ويعتبر ساماً، والمقصود بذلك هو أنه موجود في المكان الخاطئ والكمية الخاطئة والفترة الخاطئة. وهذا ينطبق على كل شيء إن زاد عن حده، إذ يمكن للماء أن يكون ساماً إن أحطت نفسك به لست دقائق مثلا. نظراً إلى أن الكربون المنفلت هو مادة غير مرغوب بها، ستعمل العلا الحد من إنبعاثه، وذلك من خلال استغلال الطاقة المتجددة بأشكالها المختلفة، بما في ذلك طاقة الرياح، وذلك حسب الإمكان، فنحن لا نريد أن تطغى المعدات على المكان نفسه. بل نريده أن يكون مكانا هادئاً ذا هواء نظيف لا يحتوي على ملوثات. سيكون هذا هو المستقبل.

هل تعتقد أن بإمكاننا تحقيق ذلك في الوقت الحالي، أم أننا بحاجةٍ إلى عقدٍ آخر من الزمن أو أكثر لتصبح هذه الفكرة عملية؟ أعني هل يمكن حالياً تحليل المواد المعقدة وإعادة تدويرها مثل البلاستيك؟

يمكنني الإجابة بأننا قادرين على ذلك نظرياً، لكن الأمر مختلف عند تطبيقه على أرض الواقع، إذ إن فكرة تحليل وإعادة تدوير هذه المواد الشبيهة بالبلاستيك تتطلب التنظيم والإدارة. كما يتطلب الأمر بصورة أساسية أن يرفض الناس استخدام البلاستك لمرة واحدة فقط. وبالتالي يتطلب الأمر أولاً تغيير الثقافة التي يتّبعها الكثيرون حول العالم بالتعامل مع المواد المستخدمة لمرة واحدة كالقشة أو الأكياس البلاستيكية. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الاستخدام العالمي للمواد البلاستيكية المستخدمة لمرةٍ واحدة قد زاد بعد تفشّي فيروس كورونا (كوفيد 19)، إذ زاد الطلب على المواد المغلّفة بالبلاستيك لأغراض التعقيم وغير ذلك من الأسباب، كما أن معايير الناس اختلفت فيما يتعلق باستخدام المواد مرة أخرى، فهم يرغبون بخفض الاستهلاك أولاً، وإعادة الاستهلاك ثانياً، وذلك بدلاً من استعمال الأدوات لمرة واحدة فقط. ولكن، كما قلت، قد يكون ذلك صعباً حالياً بسبب فيروس كورونا وما يصاحبه من مخاوف تتعلق باستخدام المواد مجدداً بعد أن تم استخدمها أشخاص آخرين في السابق.

تحدثت في حوارنا الماضي عن موضوع مثير للاهتمام حول الأصالة الأبدية، هلّا حدّثتنا عنه مجدداً قبل أن ننهي هذه الجلسة؟

أصبح جل تركيزنا في عصرنا الحالي منصباً على الوقت، إلا أننا في الوقت نفسه نغفل عن آثار أفعالنا بسبب تسرعنا المستمر. فعلى سبيل المثال، نقوم برمي عبوة المياه بعد شربها بدون التفكير أو الانتباه لهذا الفعل نظراً لرغبتنا المستمرة في عدم إضاعة الوقت. ورغم ذلك، فما علينا القيام به فعلاً هو الوصول إلى حالةٍ من الوعي التام، بحيث يمكننا إدراك أفعالنا وكل ما هو حولنا، بطريقة تجعلنا ننسى الإحساس بالوقت حتى. وفي سياق العلا، علينا إدراك تاريخ العلا ومدى روعة التجربة التي يخوضها الفرد في هذا المكان. يذكرني هذا الأمر بالمقولة الرائعة لعالم الفلك الشهير كارل سيغن، قال إنه إذا أردت خبز كعكة من الصفر، عليك أولاً إنشاء العالم الخاص بهذه الكعكة، أي عليك توفير كافة مكوناتها. وهذا المثال يشابه ما نواجه في العلا، إذ علينا العودة إلى ذلك العالم الذي وُجِد في العلا سابقاً لكي نكون قادرين على استحداثه وتحويله إلى تجربة فريدة من نوعها.

كان معنا في هذا البودكاست السيد ويليام ماكدونو، مستشار الهيئة الملكية لمحافظة العلا ومؤلف نظرية "من المهد إلى المهد". يمكنكم زيارة الموقع الإلكتروني McDonough.com لتتعرّفوا على أعماله ونشاطاته وأفكاره بشكلٍ مفصّل. ولا تنسوا أن تتابعوا صفحتنا على تويتر @RCU_SA ومشاركة هذا البودكاست مع أصدقائكم. نلقاكم قريباً في البودكاست القادم.